كتب حسام خطاب

⛔ للإجابة على هذا السؤال، يوجد جانبان لا بد من توضيحهما. أولاهما الجانب التاريخي لتطور هذه التقنية، وثانيهما الجانب اللغوي.

1️⃣ الجانب التاريخي:
✅ الذكاء الاصطناعي عمره أكثر من ٧٠ عاما، وأول من استخدمه كان جون مكارثي، وكانت تعتمد في صميمها على عدة خطوات مبرمجة مسبقا تنفذها الآلة، أي أن الآلة لم تكن فعلا تمتلك الذكاء، وإنما تقلده أو تتظاهر به. المحددات حينذاك كانت أربعة أساسية، وهي: ضعف قدرات المعالجة، وضعف قدرات التخزين، وعدم وجود كميات ضخمة للبيانات، وأخيرا محدودية سرعة تناقل البيانات.

✅ مع التطور التكنولوجي، جميع المحددات السابقة اختفت تقريبا. قدرات المعالجة زادت كثيرا، والقدرات التخزينية تضاعفت مرات ومرات، وسرعة تناقل البيانات تضخمت. ومع ظهور الشركات التقنية الحديثة، برز وتطور مفهوم البيانات الضخمة Big Data. ناهيك عن استحداث مجالات تعلم الآلة Machine Learning والتعلم العميق Deep Learning.

✅ كل هذا نتيجته أن الآلة لم تعد تعتمد حصرا على قوانين مكتوبة، وصار بإمكانها التحليل والتعاون فيما بينها والاستنتاج والتنبؤ بسلسلة من السيناريوهات والأحداث، بل ومبارزة الإنسان في ألعاب ذهنية وربما الانتصار عليه. الآلة صارت تمتلك نوعا من الذكاء إن أمكننا القول، وتحول من كونه ملقنا كليا إلى مزيج من التعليم التلقائي والتحليل والاستنتاج والتنبؤ.

2️⃣ الجانب اللغوي:
✅ عندما نقول اصطنع الوثيقة أي قلدها وزورها، والأمر المصطنع هو الأمر المتظاهر بما ليس فيه. وكذلك قول (اصطنع آلة) أي أمر أن تصنع له. أما صنع أي فعله وعمله. عندما نقول صنع الشيء أي عمله، ومن معانيها تحويل مادة أولية إلى شيء صالح للاستعمال.

✅ الذكاء الاصطناعي أي نفي صفة الذكاء عن الآلة في المقام الأول، وتظاهرها بالذكاء. أما الذكاء الصناعي هو الذكاء المحول من صيغة إلى أخرى، وعملية استخراج المواد الأولية وتحويلها إلى مواد قابلة للاستعمال. الذكاء صفة موجودة، وليست ظاهرية.

🔶 مع تطور علم ذكاء الآلة، الترجمة الأدق لمصطلح Artificial intelligence قد تكون الذكاء الصناعي، لأن الآلة أضحت قادرة على التحليل والتعلم التلقائي والتخاطب والاستنتاج، وصارت تمتلك لنوع من أنواع الذكاء. أما ترجمة الذكاء الاصطناعي قد يمكن القول أنها لم تعد منطبقة على التطور الحاصل من حولنا. ففيها نفي ضمني لصفة الذكاء عن الآلة، وهو ما قد يكون غير دقيق، وغير متناسب مع الثورة التقنية الهائلة التي نعاصرها.

🔶 اللغة العربية فيها سعة لتطور المصطلحات وعمق في ترجمة المعاني، وما كان صالحا قبل عقود ليس بالضرورة أن يكون صالحا اليوم. بناء على ما سبق، أجدني أميل إلى ترجمة الذكاء الصناعي على حساب الذكاء الاصطناعي، وإن كانت الثانية هي الأكثر انتشارا في عالمنا العربي والأكثر اعترافا. لكن لعل هذه السطور تفتح مجالا للتفكير في الكلمتين، وأيهما أنسب للاستخدام وفق ما يحيط بنا دون جمود أو ركون.

من باحمو إسماعيل بن رابح

باحمو إسماعيل أستاذ وريادي أعمال مدون تقني أهتم بالتكنولجيات التقنية والمالية وريادة الأعمال والإبتكار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *